شباب جراجوس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حول خزف جراجوس

اذهب الى الأسفل

حول خزف جراجوس Empty حول خزف جراجوس

مُساهمة  hassany الإثنين ديسمبر 22, 2008 10:21 pm

منقول من موقع www.islamonline.net

خزف جراجوس.. دين وفن وتنمية *

كتب مجدي علي سعيد
شعار جراجوس .. ماركة مسجلة على منتجات الخزف
شعار جراجوس .. ماركة مسجلة على منتجات الخزف

منذ عدة أعوام أتلقى دعوة سنوية لزيارة معرض خزف "جراجوس Garagos"، حيث يتم عرض منتجات تلك القرية الصغيرة بمدرسة العائلة المقدسة في الفجالة -أحد أحياء القاهرة- خلال شهر ديسمبر من كل عام. والمتأمل في قصة هذه القرية يجد علاقة تأسست على مر السنين لتربط الدين بالفن والتنمية، مما ألهم الفنانة التشكيلية إيمان مهران لتتخذها موضوعا لكتابها المنشور عام 2002 بعنوان "خزف جراجوس".

"جراجوس" هي إحدى قرى مركز قوص بمحافظة قنا تقع إلى الشرق من نهر النيل على مساحة 1625 فدان، وتتكون من سبعة نجوع يسكنها 35 ألف نسمة 5% منهم من المسيحيين، ويوجد بالقرية كنيستان: كاثوليكية مبنية منذ عام 1863، وأرثوذكسية بنيت عام 1958، ونشاط السكان الرئيسي هو زراعة قصب السكر الذي يغطي مساحة ألف فدان.

أول من لفت النظر إلى قرية جراجوس هو الأب هنري أمين عيروط مؤسس الجمعية الكاثوليكية للمدارس المصرية (جمعية الصعيد للتنمية لاحقا)، حيث أقام في القرية موفدا من "الجزويت" وأنشأ بها مدرسة ابتدائية، وفي عام 1945 جاء راهبان من الجزويت حيث تعلموا العربية وأحبوا جراجوس وأقاموا بها، وحاول الفرنسيون تنمية القرية من خلال آباء الجزويت الوافدين للكنيسة الكاثوليكية أو البعثات الأثرية الموجودة في منطقة دندرة القريبة من القرية.

وترجع فكرة بناء مصنع للخزف بالقرية إلى مسيو لوفريه أحد أفراد البعثة الأثرية، وتحمس لها الأب مونجولوفييه، واستعان بالمهندس حسن فتحي لبناء هذا المصنع، وتتابع عدد من الفرنسيين والسويسريين على تعليم أبناء القرية صناعة الخزف بكافة جوانبها الحرفية والكيميائية والتشكيلية بداية من عام 1955 حتى اكتسبوا مهارة عالية، مكنتهم من إقامة أول معرض لهم بالقاهرة في تلك الفترة، وبالرغم من خروج المعلمين الأجانب بعد العدوان الثلاثي على مصر، فإن المجموعة التي تدربت استطاعت إدارة الورشة بنجاح، وقد ظلت الورشة تابعة مباشرة للكنيسة حتى عام 1966 حيث سلمت إدارتها للمتدربين الـ5 الأوائل بشروط خاصة وضعتها الكنيسة.

منتج جراجوس بين السياحي والمحلي
الاتجاه لصناعة بعض الأدوات المنزلية .. تغيير طرأ على منتج جراجوس
كان للآباء اليسوعيين الفضل في إلحاق القرية بالخريطة السياحية للسائح الفرنسي والألماني، ومن ثم فقد توجه الإنتاج لإرضاء السائح حيث أصبحت المنتجات أكثر رمزية وأخف وأصغر حجما حتى تتناسب مع السياح، وقد بدأت الورشة إنتاجها بالنحت الشعبي المستلهم من داخل بيئة جراجوس وحياة الفلاح، كما اتجهت بعض الأعمال للرموز والفنون القبطية بأشكالها المتنوعة، وفي البداية لم يسع منتج خزف جراجوس لإرضاء ذوق المستهلك المحلي، فقد اعتمد على الوافدين الأجانب للقرية وانصب عليهم توجه المنتج، وبعد الانتكاسة التي شهدها سوق السياحة مع "حرب الخليج" و"حادث الأقصر"* بدأ بعض التغير على طبيعة منتج جراجوس، حيث اتجه لصناعة بعض الأدوات المنزلية والتماثيل القبطية والقليل من القطع النحتية الشعبية، وصار نشاط المصنع متركزا على معرضين سنويا أحدهما بالقاهرة في شهر ديسمبر بمدرسة العائلة المقدسة بالفجالة، والآخر في شهر مايو ويقام بكلية سان مارك بالإسكندرية، وهو إنتاج موجه للمستهلك المحلي بالأساس.

ورشة جراجوس.. مراحل وخامات

تحتل ورشة الخزف مساحة 6 قراريط من الفدان ونصف المزروعة حولها، ويعمل بالورشة 3 معينون بشكل رسمي وأربعة شركاء واثنان غير منتظمين، وفي الإجازات يعمل الأطفال حيث يفضل السياح الأعمال ذات الأشكال المجردة التي عادة ما ينفذها الأطفال، ويصبح الحرفي أسطى في الورشة بعد مروره بمراحل العمل المختلفة وإتقانه لها وتمرسه في مدة لا تقل عن 5 سنوات.

يمر العمل بعدة مراحل وهي المتعارف عليها في صناعة الخزف:

*
المرحلة الأولى: تجهيز الطين وإعداده للتشكيل منذ جمعه كأحجار، وحتى يصل شكله كعجين متماسك، ثم يخزن، ويتم بعد ذلك إعداده حسب الحاجة فيتم تصفية الطين من الهواء حتى لا تكسر القطعة أثناء جفافها أو حرقها، ويجلب الطين من منطقة أبو الريش بأسوان، حيث يشترى كل 6 سنوات من 20 إلى 35 طنا، ويتم تحضير الطين باستخدام خلاط حيث يوضع حجر الطين في البرميل ويدار الموتور ثم يفتح عليه الصنبور، بعد ذلك يمر الطين سائلا في قنوات ذات 3 غرابيل، ثم تنزل في الحوض، وبعد يوم يترسب الطين ويتم دفع المياه ليكون الناتج طين ارتفاعه 20 سم ويخزن الطين في غرفة مخصصة لذلك لمدة شهرين، ويغطى بالخيش المبلول ويرش يوميا.

أحد الحرفيين فى مرحلة تشكيل المنتج

*
المرحلة الثانية: وهي تشكيل الطين حيث يتم الضغط على قطعة الطين باليدين لإخراج الهواء منها منعا للكسر أثناء التشكيل، ويتم التشكيل في القوالب أو على عجلة الفخار، واسم العجلة نابع من قرص التشكيل الذي يتحرك بلفه عن طريق قرص خشبي من أسفل، ويديره الجالس بالقدم اليسرى فيلف معه قرص التشكيل العلوي، وقد قام أول المدربين الفرنسيين باستبدال بدال عجلة يدور على "رمان بلي" بالقرص السفلي المعتاد، ويوجد في الورشة 3 عجلات، كل عجلة منها تمتد على مساحة متر ونصف، ويتم جرد الشكل عند انتهاء تشكيله، ثم يسحب من أسفل لأعلى. وهنا لا بد من الإشارة إلى وحدات التصميم الخاصة بخزف جراجوس فهناك الصلبان والأسماك والأسد والفأر، وسعف النخيل والديوك، وتنفذ الوحدة المصممة بالحفر أو التفريغ أو التلوين أو الكشط بعد دهان الجليز. وترجع شهرة خزف جراجوس إلى التوقيع أسفل المنتج باسم القرية بالعربية أو الفرنسية أو الإنجليزية سواء بالكشط بعد الدهان أو بالكتابة على السطح الفخاري المحروق.
*
المرحلة الثالثة: التجفيف حيث توضع القطع في غرفة التجفيف وهي غرفة بلا شبابيك والباب فيها بعيد عن مكان الأرفف وهي مرحلة لها أهميتها حيث إن بقاء أي نسبة من الماء في الشكل يؤدي إلى كسره في مرحلة الحرق.
*
المرحلة الرابعة: هي الحريق الأول الذي يحتاج لرص الفرن.
*
المرحلة الخامسة: هي التجليز، وتكون مسئولة عن اللون النهائي للمنتج الذي يعتبر من أهم مميزات منتجات جراجوس، وتسمى بمرحلة الحريق الثاني؛ لأن أهم ما فيها هو خروج اللون بعد الحريق كما هو متوقع.

الفرن الأساسي لعمليات الحريق الأول والثاني كان يعمل بالسولار والخشب وأنشأه روبير، أحد أوائل المدربين الفرنسيين في بداية الخمسينيات، بينما يعمل الفرن الحالي بالكهرباء وأنشئ عام 1994 باستخدام الطوب الحراري، وتصل درجة الحرارة في الأفران إلى 980درجة، وبعد فصل الكهرباء عن الفرن يترك مغلقا يوما كاملا، وذلك لتجنب كسر الأشكال نتيجة لفرق درجات الحرارة، وبعد الحريق الأول يتم تنظيف الشكل، ثم يصنفر وينظف بالإسفنج المبلول بالمياه.

ولخزف جراجوس ألوان مميزة أشهرها الأزرق من الكوبالت، والأخضر الفرعوني ويستخدم فيه أكسيد النحاس، والأصفر من أكسيد الأنتيمون، والأخضر من أكسيد الكروم.

قلة الصناع والمشترين

من أهم الملاحظات التي أشارت إليها الباحثة في كتابها هي قلة حرفيي الخزف في جراجوس وأرجعت ذلك إلى الاعتماد على العمالة غير الدائمة، وصلة القرابة من الدرجة الأولى والثانية بين العاملين في الورشة، والرغبة في عدم انتقال "سر المهنة" وسر تميزها إلى خارج الدائرة الضيقة لها فتنتفي الشهرة والتميز، أيضا أشارت إلى أن الخزف كمنتج لم يتحرك كالنسيج والكليم، حيث لم يلق الترويج والتسويق للمنتج اهتماما على المستوى المحلى داخل مصر اعتمادا على وجود سوق أساسية من السياح، فلما تأثرت السياحة سلبا ببعض الأحداث تأثر توزيع المنتجات ومن ثم إنتاجه.

كما لاحظت رواج المنتجات الفخارية عن الخزفية في البيع، وهي المنتجات التي تنتجها منطقة حجازة المجاورة وذلك لرخص ثمنها ولأنها تستخدم لأغراض الحياة اليومية "الضرورية" للناس، بينما يستخدم الخزف للأغراض الجمالية "التحسينية". ولعلنا نشير في النهاية أن شهرة خزف "جراجوس" والاحتفاء الفرنسي به كانت توحي خطأ بأنه من إنتاج أهل القرية جميعا كما هو الحال في الكليم مثلا، إلا أن الدراسة أثبتت أنها مهنة قاصرة على عدد محدود من أهل القرية.

هوامش ومصادر:

* إيمان مهران، خزف جراجوس، تقديم صفوت كمال، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، الطبعة الأولى، مايو 2002.

كاتب وخبير متخصص بالقضايا التنموية بالعالم العربي.

*وقع هذا الحادث في نوفمبر 1997م، حيث قام مسلحون بهجوم على مجموعة من السياح في معبد حتشبسوت بصعيد مصر وقتل فيه حوالي 59 سائحا، وأقيل على إثره "حسن الألفي" وزير الداخلية المصري في هذا الوقت. tongue

hassany

المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 21/12/2008

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى