حسن الظن.. رباط الأخوه
صفحة 1 من اصل 1
حسن الظن.. رباط الأخوه
حسن الظن.. رباط الأخوه
حسن الظن.. يحفظ الود
كثيرة هي العلل والآفات التي أصابت نسيج مجتمعنا الإسلامي، ولعل آفة سوء الظن بالآخرين من أكثرها خطورة وأشدها ضراوة، لما لها من آثار مهلكة، على المصاب بها وعلى أسرته، وعلى من يتعاملون معه، بل إنها قد تتعدى ذلك لتنخر في كيان المجتمع الإسلامي بأسره، فيصاب بالوهن والضعف، وتنشأ الخلافات والمنازعات، الأمر الذي يسعى إليه أعداؤنا كي يسهل عليهم النيل منا.
ولخطورة سوء الظن وما يحدثه من أثر فقد أكد الشارع الحكيم، على ضرورة اجتنابه.. وعلى النقيض تماما من ذلك يأتي سلوك حسن الظن، ليحقق سعادة المسلم، ويدعم روابط الإخاء والألفة، فلا تحمل النفوس غلا ولا حقدا، وتسود المودة والرحمة والتسامح بين أبناء المجتمع.
ومن ثم تتآلف قلوب المسلمين وتتوحد الأمة، ويصعب على الشيطان إيجاد سبيل لوسوسته في القلوب وتفشل محاولاته في غرس بذور الخلاف والضعف والكراهية، ولا يجد من يتربصون بالأمة فرصة للجهر عليها.
آثاره سلبية
يوضح د. إسماعيل عبد الباري- أستاذ علم الاجتماع والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق - حقيقة سوء الظن فيقول: هو أن يتصور المرء في الناس أشياء ليست فيهم، إنما صورها له شيطانه، وهواه فليس معه دليل قاطع وبرهان ساطع واضح يدل على ما وقع في نفسه من ظنون، ولكنه أقنع نفسه بهذا الشيء الذي ظنه، ثم بنى على ذلك أمورا أخرى فاستسلم لهذا الظن أولا، ثم بنى سائر تعاملاته عليه.
ويرجع د. عبد الباري إساءة البعض الظن بمن حولهم إلى أسباب دينية ونفسية واجتماعية مثل: قلة الإيمان، وعدم شعور الإنسان بالثقة في نفسه، وشعوره أنه أقل من غيره، أو قد يرجع إلى رغبة في الانتقام، إضافة إلى ذلك وجود خلل في أفعال سيئ الظن، فمن يرتكب مخالفة أو معصية يعتقد أن غيره من الممكن أن يكون مثله..
ويؤكد أن آثاره تكون سلبية ومتعددة على صاحبه، فهو لا يثق بالآخرين، ويكذبهم ولا يستطيع التعايش بشكل طبيعي معهم، هذا بخلاف أن من حوله أيضا لا يثقون به ويفضلون الابتعاد عنه.
وينصح د.عبد الباري المصاب بهذا الداء أن يدرك خطره، وأنه باتباعه يرتكب معصية وذنبا عظيم يجره إلى ذنوب أخرى، وإلى تحويل حياته إلى جحيم، حيث يقطع سوء الظن صلات القربى، ويزرع بذور الشر، ويلصق التهم بالأبرياء بلا سند أو دليل.. وأن يحل محل هذا ما هو خير، فيظن دائما بمن حوله الظن الحسن، مشيرا إلى أن الظن خلق حميد وأمر حث عليه الإسلام، وهو من أبرز أسباب التماسك الاجتماعي على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، وهو راحة للقلب وطمأنينة للنفس وسلامة من أذى الخواطر المقلقة، لذلك كان أصلا من أصول أخلاق الإسلام، وعليه فلا يجوز لإنسان أن يسيء الظن بالآخرين لمجرد الشك أو الاحتمالات.
روابط المحبة
د. سعاد صالح
د. سعاد صالح - عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات بجامعة الأزهر- تؤكد أن النصوص الشرعية والسنة النبوية تنهي عن أن تكون نظرة البعض إلى البعض الآخر بارتياب وتوقع الشر منه، وعن أن يكون سوء الظن مقدما على حسن الظن.
وتشير د. سعاد: "طالبنا المولى سبحانه باجتناب الكثير من الظن لأن بعضه إثم: "يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرا مِنَ الظن إِن بَعْضَ الظن إِثْمٌ" (الحجرات: 12)، كما يحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".
فالجدير بالمسلم أن يربأ بنفسه عن الظن، وأن يتعامل مع الناس وفق ما يرى، ويسمع، وحسبه ذلك.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يدرك أن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة، فلا تحمل الصدور غلا ولا حقدا، وتسود المودة والرحمة والتسامح بين أبناء المجتمع، بل حتى إذ جاءت وسوسة الشيطان بسوء الظن بأحد أفراده تجاه فرد آخر صرف الفرد ذهنه إلى حسن الظن".
مداخل الشيطان
د. إلهام شاهين
وترى د. إلهام شاهين -أستاذة العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر- أن هناك مجموعة من العوامل تقف وراء وجود سوء الظن لدى البعض؛ وتلخصها في:
أولا: تمكن الشيطان من قلب الإنسان، بسبب ضعف الإيمان وعدم الثقة بالله.
ثانيا: عدم الابتعاد عن مواطن الشبهات والتهم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوه حسنة.
فعن زوجته السيدة صفية بنت حيي قالت: "إنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتنصرف، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يوصلها، فمر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله وانصرفا مسرعين فناداهما، فقال لهما: على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: وهل نظن بك إلا خيرا يا رسول الله؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم، وخشيت أن يقذف في قلوبكما شرا".
ثالثا: وجود الأشرار وأهل السوء، فالشخص السيئ يظن بالناس السوء، ويبحث عن عيوبهم، ويراهم من حيث ما تخرج به نفسه.. أما المؤمن الصالح فإنه ينظر بعين صالحة ونفس طيبة للناس يبحث لهم عن الأعذار، ويظن بهم الخير.
رابعا: يأتي عن جهل أو عدم علم يقول تعالى: "وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتبِعُونَ إِلا الظن وَإِن الظن لَا يُغْنِي مِنَ الْحَق شَيْئا" (النجم:28).
خامسا: تزكية الإنسان نفسه واتهام غيره، ولقد نهانا المولى عن ذلك، فيقول سبحانه: "هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنةٌ فِي بُطُونِ أُمهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقَى" (النجم:32). ويذم اليهود الذين زكوا أنفسهم وقالوا: أنهم أبناء الله وأحباؤه، فقال الله تعالى: "ألَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ يُزَكونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلا" (النساء: 49).
وتوضح د.إلهام أنه علينا أن ننقي أنفسنا من الشر القابع بداخلها، وألا نقترب من مواطن الشبهات، ونستعين بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان العمل الصادر عن المسلم يحتمل وجها يكون فيه خير، وأكثر من وجه لا يكون فيها إلا شر، فينبغي حمل هذا العمل على وجه الخير المحتمل، وتجنب الحكم على النيات، فهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى التي يعلمها سبحانه وحده.
وتضيف: "علينا التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذرا.. كم أن علينا أن ندرك أن سوء الظن مدخل من مداخل الشيطان إلى قلب المسلم كي يفسد عليه دينه ودنياه، ويحاسب عليه في الآخرة".
وتنبه د. إلهام إلى أن حسن الظن لا يعني ألا يكون الإنسان يقظا في معاملاته مع الآخرين، بل يجب عليه أن يحتاط للأمور، ويتعامل مع الآخرين بفطنة وذكاء وحرص.
قيم وأخلاقيات
د. عبد الصبور شاهين
ومن جهته، يعتقد المفكر الإسلامي د. عبد الصبور شاهين - الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة- أنه لا يستطيع أحد الآن أن يحكم القيم والأخلاقيات القديمة التي كانت تسود في عهد الصحابة رضي الله عنهم، في الممارسات والمعاملات الحديثة بين الناس.
ويرى د. عبد الصبور أن الناس تغيرت طبائعهم بشكل جذري، فالمُثلُ التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد لها قبول عند الناس، وقد يعتقد البعض أن الذين يتمسكون بها بلهاء لا يحسنون فهم المواقف التي تمر بهم، ولذلك تجد كثيرا من الناس يفضلون قاعدة: "أنا أفترض سوء الظن إلى أن يثبت العكس".
ويدعو د.عبد الصبور إلى العودة لقيمنا وأصولنا الإسلامية وأن نحيي القيم والأخلاق، فيعود الناس إلى حسن الظن بعضهم ببعض، ونتمكن من تطبيق المثل كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نلحق ذلك بالرؤية السليمة التي عبر عنها الصحابة، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا، وأنت تجد لها في الخير محملا"، وقال ابن سيرين رحمه الله: "إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه".
--------------------------------------------------------------------------------
***********************************************************
الحسن محمد العرابي
مراقب حجرصحي ومفتش أغذية بمواني البحر الاحمر
***********************************************************
حسن الظن.. يحفظ الود
كثيرة هي العلل والآفات التي أصابت نسيج مجتمعنا الإسلامي، ولعل آفة سوء الظن بالآخرين من أكثرها خطورة وأشدها ضراوة، لما لها من آثار مهلكة، على المصاب بها وعلى أسرته، وعلى من يتعاملون معه، بل إنها قد تتعدى ذلك لتنخر في كيان المجتمع الإسلامي بأسره، فيصاب بالوهن والضعف، وتنشأ الخلافات والمنازعات، الأمر الذي يسعى إليه أعداؤنا كي يسهل عليهم النيل منا.
ولخطورة سوء الظن وما يحدثه من أثر فقد أكد الشارع الحكيم، على ضرورة اجتنابه.. وعلى النقيض تماما من ذلك يأتي سلوك حسن الظن، ليحقق سعادة المسلم، ويدعم روابط الإخاء والألفة، فلا تحمل النفوس غلا ولا حقدا، وتسود المودة والرحمة والتسامح بين أبناء المجتمع.
ومن ثم تتآلف قلوب المسلمين وتتوحد الأمة، ويصعب على الشيطان إيجاد سبيل لوسوسته في القلوب وتفشل محاولاته في غرس بذور الخلاف والضعف والكراهية، ولا يجد من يتربصون بالأمة فرصة للجهر عليها.
آثاره سلبية
يوضح د. إسماعيل عبد الباري- أستاذ علم الاجتماع والعميد الأسبق لكلية الآداب جامعة الزقازيق - حقيقة سوء الظن فيقول: هو أن يتصور المرء في الناس أشياء ليست فيهم، إنما صورها له شيطانه، وهواه فليس معه دليل قاطع وبرهان ساطع واضح يدل على ما وقع في نفسه من ظنون، ولكنه أقنع نفسه بهذا الشيء الذي ظنه، ثم بنى على ذلك أمورا أخرى فاستسلم لهذا الظن أولا، ثم بنى سائر تعاملاته عليه.
ويرجع د. عبد الباري إساءة البعض الظن بمن حولهم إلى أسباب دينية ونفسية واجتماعية مثل: قلة الإيمان، وعدم شعور الإنسان بالثقة في نفسه، وشعوره أنه أقل من غيره، أو قد يرجع إلى رغبة في الانتقام، إضافة إلى ذلك وجود خلل في أفعال سيئ الظن، فمن يرتكب مخالفة أو معصية يعتقد أن غيره من الممكن أن يكون مثله..
ويؤكد أن آثاره تكون سلبية ومتعددة على صاحبه، فهو لا يثق بالآخرين، ويكذبهم ولا يستطيع التعايش بشكل طبيعي معهم، هذا بخلاف أن من حوله أيضا لا يثقون به ويفضلون الابتعاد عنه.
وينصح د.عبد الباري المصاب بهذا الداء أن يدرك خطره، وأنه باتباعه يرتكب معصية وذنبا عظيم يجره إلى ذنوب أخرى، وإلى تحويل حياته إلى جحيم، حيث يقطع سوء الظن صلات القربى، ويزرع بذور الشر، ويلصق التهم بالأبرياء بلا سند أو دليل.. وأن يحل محل هذا ما هو خير، فيظن دائما بمن حوله الظن الحسن، مشيرا إلى أن الظن خلق حميد وأمر حث عليه الإسلام، وهو من أبرز أسباب التماسك الاجتماعي على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع، وهو راحة للقلب وطمأنينة للنفس وسلامة من أذى الخواطر المقلقة، لذلك كان أصلا من أصول أخلاق الإسلام، وعليه فلا يجوز لإنسان أن يسيء الظن بالآخرين لمجرد الشك أو الاحتمالات.
روابط المحبة
د. سعاد صالح
د. سعاد صالح - عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات بجامعة الأزهر- تؤكد أن النصوص الشرعية والسنة النبوية تنهي عن أن تكون نظرة البعض إلى البعض الآخر بارتياب وتوقع الشر منه، وعن أن يكون سوء الظن مقدما على حسن الظن.
وتشير د. سعاد: "طالبنا المولى سبحانه باجتناب الكثير من الظن لأن بعضه إثم: "يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرا مِنَ الظن إِن بَعْضَ الظن إِثْمٌ" (الحجرات: 12)، كما يحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول: "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث".
فالجدير بالمسلم أن يربأ بنفسه عن الظن، وأن يتعامل مع الناس وفق ما يرى، ويسمع، وحسبه ذلك.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم يدرك أن حسن الظن يؤدي إلى سلامة الصدر وتدعيم روابط الألفة والمحبة، فلا تحمل الصدور غلا ولا حقدا، وتسود المودة والرحمة والتسامح بين أبناء المجتمع، بل حتى إذ جاءت وسوسة الشيطان بسوء الظن بأحد أفراده تجاه فرد آخر صرف الفرد ذهنه إلى حسن الظن".
مداخل الشيطان
د. إلهام شاهين
وترى د. إلهام شاهين -أستاذة العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر- أن هناك مجموعة من العوامل تقف وراء وجود سوء الظن لدى البعض؛ وتلخصها في:
أولا: تمكن الشيطان من قلب الإنسان، بسبب ضعف الإيمان وعدم الثقة بالله.
ثانيا: عدم الابتعاد عن مواطن الشبهات والتهم، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوه حسنة.
فعن زوجته السيدة صفية بنت حيي قالت: "إنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت لتنصرف، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يوصلها، فمر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله وانصرفا مسرعين فناداهما، فقال لهما: على رسلكما، إنما هي صفية بنت حيي. فقالا: وهل نظن بك إلا خيرا يا رسول الله؟ قال: إن الشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم، وخشيت أن يقذف في قلوبكما شرا".
ثالثا: وجود الأشرار وأهل السوء، فالشخص السيئ يظن بالناس السوء، ويبحث عن عيوبهم، ويراهم من حيث ما تخرج به نفسه.. أما المؤمن الصالح فإنه ينظر بعين صالحة ونفس طيبة للناس يبحث لهم عن الأعذار، ويظن بهم الخير.
رابعا: يأتي عن جهل أو عدم علم يقول تعالى: "وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتبِعُونَ إِلا الظن وَإِن الظن لَا يُغْنِي مِنَ الْحَق شَيْئا" (النجم:28).
خامسا: تزكية الإنسان نفسه واتهام غيره، ولقد نهانا المولى عن ذلك، فيقول سبحانه: "هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنةٌ فِي بُطُونِ أُمهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتقَى" (النجم:32). ويذم اليهود الذين زكوا أنفسهم وقالوا: أنهم أبناء الله وأحباؤه، فقال الله تعالى: "ألَمْ تَرَ إِلَى الذِينَ يُزَكونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلا" (النساء: 49).
وتوضح د.إلهام أنه علينا أن ننقي أنفسنا من الشر القابع بداخلها، وألا نقترب من مواطن الشبهات، ونستعين بالله من الشيطان الرجيم، وإذا كان العمل الصادر عن المسلم يحتمل وجها يكون فيه خير، وأكثر من وجه لا يكون فيها إلا شر، فينبغي حمل هذا العمل على وجه الخير المحتمل، وتجنب الحكم على النيات، فهذا من أعظم أسباب حسن الظن؛ حيث يترك العبد السرائر إلى التي يعلمها سبحانه وحده.
وتضيف: "علينا التماس الأعذار، واستحضر حال الصالحين الذين كانوا يحسنون الظن ويلتمسون المعاذير حتى قالوا: التمس لأخيك سبعين عذرا.. كم أن علينا أن ندرك أن سوء الظن مدخل من مداخل الشيطان إلى قلب المسلم كي يفسد عليه دينه ودنياه، ويحاسب عليه في الآخرة".
وتنبه د. إلهام إلى أن حسن الظن لا يعني ألا يكون الإنسان يقظا في معاملاته مع الآخرين، بل يجب عليه أن يحتاط للأمور، ويتعامل مع الآخرين بفطنة وذكاء وحرص.
قيم وأخلاقيات
د. عبد الصبور شاهين
ومن جهته، يعتقد المفكر الإسلامي د. عبد الصبور شاهين - الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة- أنه لا يستطيع أحد الآن أن يحكم القيم والأخلاقيات القديمة التي كانت تسود في عهد الصحابة رضي الله عنهم، في الممارسات والمعاملات الحديثة بين الناس.
ويرى د. عبد الصبور أن الناس تغيرت طبائعهم بشكل جذري، فالمُثلُ التي دعا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد لها قبول عند الناس، وقد يعتقد البعض أن الذين يتمسكون بها بلهاء لا يحسنون فهم المواقف التي تمر بهم، ولذلك تجد كثيرا من الناس يفضلون قاعدة: "أنا أفترض سوء الظن إلى أن يثبت العكس".
ويدعو د.عبد الصبور إلى العودة لقيمنا وأصولنا الإسلامية وأن نحيي القيم والأخلاق، فيعود الناس إلى حسن الظن بعضهم ببعض، ونتمكن من تطبيق المثل كما وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن نلحق ذلك بالرؤية السليمة التي عبر عنها الصحابة، فعمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرا، وأنت تجد لها في الخير محملا"، وقال ابن سيرين رحمه الله: "إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه".
--------------------------------------------------------------------------------
***********************************************************
الحسن محمد العرابي
مراقب حجرصحي ومفتش أغذية بمواني البحر الاحمر
***********************************************************
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى